اسراء توايهة – منار شاهين
تعرضت سيلين البالغة من العمر 12 عاما لاختراق خصوصيتها من قبل صديقتها في المدرسة، حيث قامت بمراسلتها من حساب وهمي باسم شاب وادعت أنها تعرفها ومعجبة بها وتريد أن تدخل علاقة عاطفية معها، استجابت سلين في بداية الأمر واعطت الكثير من المعلومات عنها وعن العائلة إلا أنها سرعان ما اكتشفت أن كل ما يحدث وهمي، وان من تتحدث معها هي صديقتها، لتتوجه بعد ذلك لوالدتها وتخبرها بالأمر.
والدة سيلين قالت بعد أن أخبرتني ابنتي بما جرى قمت بتفتيش هاتفها ورؤية جميع محادثاتها، واكتشفت بأن ابنتي كونت علاقات مع فتيات من بلدان أخرى جمعها بهن حب الفرق الغنائية الكروية، ويتبادلن الكثير من الصور والمعلومات الشخصية رغم عدم معرفتهن ببعضهن البعض، مما قد يشكل خطرا عليهن، غير أنها تقبل طلبات الصداقة والمراسلة من الجميع دون أن تفكر بحماية نفسها.
وحال سيلين كحال العديد من المراهقين ذكورا وإناثا اللذين يتعرضون للكثير من المشاكل أثناء تعرضهم للإنترنت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتكون هذه المشاكل إما تقنية تتعلق بوسائل وأجهزة الاتصال، أو اجتماعية تتعلق بمستخدمي هذه الوسائل.
وبهذا الصدد قالت اية العدم الحاصلة على دكتوراه فخرية في الارشاد النفسي: بحكم عملي كمرشدة في مدارس الأونروا للفتيات، واجهت العديد من المشاكل في عدم معرفة الطالبات في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تعتقد بعض الفتيات انهن محميات بمجرد ارسال صورة تظهر لمرة واحدة على موقع انستغرام بينما هذه الصورة يمكن عمل “لقطة شاشة” لها وارسالها من جديد لجهات أخرى، ليس هذا فقط فبعض الفتيات بسبب تحفظ الأهل يدخلن هذه المواقع بأسماء فتيات وهمية، أو بأسماء ذكور ويراسلن صديقاتهن لمعرفة معلومات شخصية عنهن مما يسبب الكثير من المشاكل.
و تكمن المشكلة الكبيرة هنا في كوننا لا نستطيع وضع جدران حماية لتجنب المحتوى السلبي على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل تام، لأن برامج الحماية المتوفرة لا تستطيع تنقية محتواها وإنما يقتصر عملها على مواقع الويب رغم أن الخطر الحقيقي يواجه المراهقين ذكورا وإناثا على مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا، وداخل المحادثات.
وقال واصل غانم الأستاذ في كلية الهندسة والتكنولوجيا في جامعة بيرزيت: أن المسؤولية هنا تترتب على الحكومة بالدرجة الأولى في توعية الأطفال عن طريق مناهج تدرس في المدارس حسب الفئة العمرية للمساعدة في تجنب الاحتيال على مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه الفئة هي الأكثر عرضة للابتزاز الجنسي والالكتروني.
وأكد غانم على أنه لا يوجد حل تقني 100% لتوفير بيئة آمنة للمراهقين ذكورا وإناثا أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وأن هذه المواقع لا تتحمل مسؤولية قانونية حيث تفرض هذه المواقع التسجيل بأعمار معينة إلا أنه يتم التحايل عليها من خلال التسجيل عليها بأعمار وهمية، مما يسبب العديد من المشاكل.
وللمساعدة في حل هذه المشاكل نصحت الاخصائية اية الأهالي بضرورة التواصل مع المدرسة في حال تعرض أبنائهم وبناتهم لمثل هذه المشاكل مؤكدة على ضرورة مناقشة الأبناء في مشاكلهم والتوجه للجهات المختصة في حال خرجت الأمور عن السيطرة وعدم التوجه لأساليب العنف لأنها في أغلب الحالات تعطي نتائج سلبية تضر أبنائهم وبناتهم.
وفي تعامل أم سيلين في حل مشكلة ابنتها تجنبت العنف أيضا، وقالت: بعدما رأيت هاتف ابنتي جعلتها تحذف كل الأشخاص الذين لا تعرفهم وجها لوجه، وحددت لها ساعات استعمال الهاتف، وسمحت لها بالبقاء في مجموعات المعجبون والمعجبات بالفرق الكورية ولكن مع الحذر من إرسال صورها ومعلوماتها الشخصية، إضافة لإشعارها بأنني ملمة بتحركاتها داخل وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد ازدادت أعداد المراهقين ذكورا وإناثا الذين يستخدمون ويستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي زادت خلال جائحة كورونا طرديا مع ازدياد الفجوة التقنية بينهم\ن وبين ذويهم\ن، وعلى الأهالي عدم الاستسلام لهذه الفجوة والعمل على تشجيع أبنائهم وبناتهم على التواصل المباشر مع اصدقائهم وصديقاتهن، ووضع حدود معقولة لاستخدام هذه المواقع حتى لا تنقلب ضدهم\ن.
ويذكر ان “مركز بيو للأبحاث” وجد من خلال استطلاع أجراه في عام 2018، وشمل نحو 750 من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا، أن 45% منهممتصلون بالإنترنت بشكل مستمر تقريبًا، و97% يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي؛ مثل YouTube أو Facebook أو Instagram أو Snapchat.