طفلة  مفعمة بالحيوية والأمل طموحها أن تكون معلمة، مرام _وهو اسم مستعار_ من مخيم جنين، دخلت مدرسة النور للمكفوفين، وبدأت الأمور تصعب عليها حيث اضطرت للمبيت بالمدرسة في ظل ظروف أهلها المادية السيئة،  أنهت الصف العاشر وأتقنت طريقة بريل للمكفوفين وبتشجيع من أهلها دخلت مدرسة ثانوية للبنات، تحدت كافة الصعوبات ونجحت في امتحان الثانوية العامة بمعدل” 74%”، توجهت لجامعة القدس المفتوحة بتخصص التربية الإسلامية الذي أحبته من صغرها، صعوبات كثيرة كانت بانتظارها وأكثر جملة كانت تسمعها مرام من المحيطين بها أن دراستها دون جدوى وتعبها سيذهب هدرا لقلة الوظائف في بلادنا  ولأنها أنثى أيضا، كما أن الدراسة ستفقدها أي أمل في استرداد بصرها نهائيا. لكنها تخطت كل هذه الصعوبات بسبب جهدها المتواصل وتشجيع ذويها لها على مدار أربع سنوات دون كلل أو ملل وعدم التعامل مع أي كلام جارح من قبل الآخرين. بعد الشوط الكبير وتحقيق جزء من حلمها ذات الأشخاص اللذين كانوا ينصحوها بعدم الاستمرار بالتعلم أصبحوا يضربون بها المثل في الكفاح والنجاح.

رحلة علاج وعمل

بدأت مرام رحلة علاج مكلفة لدى العديد من أطباء العيون داخل الضفة وخارجها علها تسترد بصرها ولكن كل المحاولات بائت بالفشل، تقول مرام:” لم أيأس بحثت عن عمل وبعض المؤسسات دون حرج كانت تقول لي  لا نستطيع ضمك معنا في العمل بسبب وضعك الصحي حتى محلات الملابس كانت ترفض أن أعمل معهم  لذات السبب، تتابع مرام حديثها بنبرة مليئة بالأمل والترقب مع حدوث الكرونا ازداد الوضع سوءا في كافة نواحي الحياة وأيقنت وقتها أنه لا مجال للعمل، يذهب إخوتي للعمل أو الجامعة أبقى وحيده في المنزل  بالساعات ما أدى إلى تفاقم وضعي النفسي والصحي  وشعوري بإحباط شديد، ثم قررت أن أخرج من هذه الحالة واستغليت وجودي في المنزل وطورت من مهاراتي وثقافتي وبعد فترة من الزمن تقدمت بطلب وظيفي إلى التربية والتعليم  ولكن لم أرفقه بوثيقة صحية تؤكد وضعي الصحي بسبب إغلاق الكثير من المؤسسات لأبوابها بسبب الكرونا وتم اعتباره طلب وظيفي عادي لا لحالة خاصة خضعت للامتحان بعدها وحصلت على علامة ممتازة وكذلك في المقابلة وكنت  على يقين أنني سأتعين وعشت على أمل كبير ومع كل رنة للهاتف كنت أتوقع أنها التربية تريد إبلاغي بتعييني ولكن كانت الصدمة الكبيرة عندما علمت أنه لا تعيين لي، جلست أراقب الأيام يوما تلو الآخر تقول مرام وهي تغلق يديها تارة وتبسطهما تارة أخرى وكأنها عادت إلى أجواء الانتظار مرت سنة وأنا انتظر على أحر من الجمر موعد تقديم الطلبات من أجل الوظيفة وبالفعل أرفقت طلب الوظيفة بورقة من الصحة تثبت وضعي الصحي  وكلي أمل أن أحصل على وظيفة.

يذكر أن المادة 13 من قانون العمل لسنة 2000 نصت على إلزام صاحب العمل بتشغيل عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة المؤهلين لأعمال تتلاءم مع إعاقتهم وذلك بنسبة لا تقل عن خمسة بالمئة من حجم القوى العاملة في المؤسسة.

 خضعت مرام للامتحان وحصلت على علامة ممتازة وكذلك في المقابلة، ثم تعينت تقول مرام: فرحتي لا وصف لها بدأت اذهب للمدرسة وكلي شوق لليوم الذي يليه، أتنقل بين الطالبات بكل ثقة وأحدثهن عن تجربتي وأفخر بنفسي كلما رأيت من كان يراهن على فشلي.

جلسنا في حديقة المنزل والشمس تعكس أشعتها على الزهور ذات الألوان والأشكال المتعددة، تحمل مرام قطتها في حضنها وتخبرنا بنصيحة لكل فتاة وبالأخص من تعاني من حالة خاصة وتقول:” أنت قوية لا تستلمي اسعي لتحقيق هدفك، زيدي ثقتك بنفسك وحققي مزيدا من النجاح، واشعري بلذة فرحة الأهل وفخرهم، اكسري وهم من يقف بطريقك، وآمني بنفسك. تتابع هذه الوردة تذبل لكنها لم تمت في كل مرة تنهض ونحن يجب أن نكون كذلك ننهض ويفوح عطرنا في كل مكان.”

هذا التقرير من إعداد وإنتاج سكون شعبان وهو نتاج لتدريب أجرته تنمية وإعلام المرأه”تام” لمجموعة من الاعلاميات الفلسطينيات ضمن ” مشروع تعزيز الاعلام الحساس للنوع الاجتماعي في الازمات وبدعم dw محتوى هذا التقرير لا يمثل وجهات نظر أكاديمية dw أو الجهات المانحة.